مكنت الاصلاحات الانتخابية التي شهدتها عدة دول في المنطقة العربية منذ عام 2000، من إعادة النظر في الوظيفة التنظيمية للانتخابات للاجهزة الحكومية، خاصة منها وزارات الداخلية، وتشكيل هيئات أو مفوضيات مستقلة عن السلطة التنفيذية لتنظيم الانتخابات. ويأتي هذا الخيار إستجابة للمطالب الشعبية والتزاماً من الدول التي انتهجته بضرورة النأي بالمسار الانتخابي عن كل تدخل وتوفير الضمانات اللازمة لنزاهته. وقد شهدت المنطقة العربية أول موجة لتشكيل الهيئات والمفوضيات واللجان الانتخابية المستقلة عام 2000. تلتها موجة ثانية منذ عام 2011.

وعلى إثر التنوع الحاصل في نماذج وأساليب تنظيم المسارات الانتخابية، إستقطبت مسألة لإستقلالية الادارات الانتخابية اهتمام الخبراء الانتخابية، وقاموا برصد مختلف أشكال الادارات الانتخابية وتوافقوا على مبادئ عامة توجه عملها وتضبط طريقة تسيير الادارات للعمليات الانتخابية ومن أهمها مبدأ الاستقلالية.

ولهذا الغرض، قامت المنظمة العربية للادارات الانتخابية، بدعم من برنامج الامم المتحدة الانمائي والمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، باصدار هذا الاطار المرجعي الذي قام باعداده فريق من الخبيرات والخبراء في الشأن الانتخابي في المنطقة العربية، لقياس مستوى استقلالية الادارات الانتخابية في إدارة وتنفيذ العملية الانتخابية، ومدى انفرادها باتخاذ القرار الانتخابي دون التأثر بالخريطة السياسية. إضافة الى تسليط الضوء على أهم الضمانات القانونية والتنظيمية التي تكفل هذه الاستقلالية، مسترشدين ببعض الممارسات الفضلى لدى الادارات الانتخابية في الحفاظ على استقلاليتها بمفهومها التنظيمي والفعلي.