بين الإستهداف الجنسي والتهديدات بالقتل: مسؤولي الانتخابات في جميع أنحاء العالم يواجهون مستويات غير مسبوقة من التضليل والعدوان والمضايقة
سلطت تقارير وسائل الإعلام الأخيرة [1] [2] الضوء على المستوى المقلق للمضايقات عبر الإنترنت ضد العاملين في مجال الاقتراع حول انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة لعام ٢٠٢٢. ويؤكد العمل الجاري الذي تقوم به المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات أن هذه الظاهرة لا تقتصر على الولايات المتحدة. إن التضليل الإعلامي ومختلف أشكال العدوان والمضايقة التي تستهدف موظفي الانتخابات في بيئة المعلومات هي ظاهرة عالمية وتشكل تهديداً خطيراً للديمقراطية.
This article is available in English.
Este artículo está disponible en español.
وقد اعترف مسؤولو الانتخابات الذين يضطلعون بأدوار بارزة من ٢١ بلدٍ من جميع المناطق، بسعة هذه الممارسات وأثرها المدمر، والذين شاركوا في اجتماع مائدة مستديرة للممارسين استمر يومين بشأن حماية المسؤولين الانتخابيين في بيئة المعلومات نظمته المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات.
وأكدت المناقشات البحوث الأولية والحالات التي وثقتها المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات والتي تشير إلى أن موظفي الانتخابات مستهدفون بالمعلومات المضللة وغيرها من أشكال العدوان في مجال المعلومات، الذي غالباً ما يكون قائماً على نوع الجنس. هذه الهجمات هي جزء من استراتيجيات أوسع نطاقاً لتقويض مصداقية العمليات التي تديرها وتتحدى الاستقلال الوظيفي للمؤسسات التي تمثلها (هيئات الإدارة الانتخابية). وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى إضعاف ركائز الثقة في الهياكل الديمقراطية الحاسمة، وزعزعة إستقرار الديمقراطيات، والمساهمة في التراجع. وفي معظم الحالات، تكون الجهات الفاعلة السياسية المحلية أو حتى الشخصيات القيادية في الدولة هي البادئة بهذه السلوكيات الخبيثة أو تعمل على إدامتها.
ومن الاستنتاجات الرئيسية التي خلصت إليها مناقشة المائدة المستديرة أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية موظفي الانتخابات. ومن الأهمية بمكان أن تلتزم الدول وأصحاب المصلحة السياسيين باحترام استقلالية هيئات الإدارة الإنتخابية وحماية الانتخابات في بيئة المعلومات.
وخلال هذا الحدث، تبادل الرؤساء والأعضاء الحاليون والسابقون لهيئات الإدارة الإنتخابية تجاربهم الحية مع التضليل والعدوان والمضايقة في مجال المعلومات. وقد مكن ذلك من تفهم الظاهرة وأثرها الضار للغاية بشكل أعمق على المستوى الفردي والمؤسسي، مع ما يترتب على ذلك من آثار وخيمة على المشهد الديمقراطي في بلدانهم.
وبالتوازي مع ذلك، أعلنت غالبية المسؤولين الانتخابيين البالغ عددهم حوالي ٣٠٠ شخص، والذين استجابوا لاستطلاع حديث أجرته المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات، أنهم مستهدفون بالمعلومات المضللة و/أو العدوان عبر الإنترنت أثناء وجودهم في مناصبهم الرسمية. وكانت غالبية الذين أجابوا بنعم هم من النساء. وهناك على وجه التحديد بالنسبة للمرأة طبقة إضافية من المعلومات المضللة التي تصورها على أنها غير قادرة على الوفاء بواجباتها بسبب جنسها وترتبط بالقوالب النمطية المجتمعية وكراهية النساء.
إن تأثير هذه الأشكال وغيرها من أشكال العدوان الرقمي، مثل الإذلال والتحريض على العنف وتخفيض قيمة العمل والترهيب والتهديدات، هو متعدد الأوجه:
- على المستوى الشخصي، يتراوح بين الإضرار بالسمعة، والحد من الحقوق المدنية، والصدمة النفسية، ويذهب إلى حد العنف الجسدي ضد المسؤولين وممن حولهم، وحتى القتل:
"العديد من مسؤولي الانتخابات قتلوا خلال الانتخابات الأخيرة."
"قيل لأحد الزملاء: ’نحن نعرفك، ونعرف من هم جيرانك، ونعرف أين يذهب أطفالك إلى المدرسة ونعرف من هو زوجك‘. ولأسباب أمنية، إضطرت الأسرة إلى الانفصال حتى يهدأ الوضع".
"يقوم السائق بتفقد السيارة دائماً للتأكد من عدم وجود قنبلة موضوعة تحتها."
- وعلى المستوى المهني، فإنه يثني مسؤولي الانتخابات عن التطلع إلى مناصب قيادية داخل الهياكل الانتخابية أو البقاء فيها، ويسكت أصواتهم، ليحل محلهم بعد ذلك أشخاص يخدمون أجندات سياسية محددة:
"مستوى الإساءة العاطفية والصدمة التي عانيت منها أنا وعائلتي جعلني أستقيل في نهاية المطاف."
"الإساءات والمضايقة مستمرة حتى الآن، بعد فترة طويلة من مغادرتي المنصب."
- وعلى المستوى المؤسسي، يؤدي ذلك إلى فقدان المعرفة والكفاءة التنظيمية، حيث يختار الكثيرون الاستقالة، مما يقوض في نهاية المطاف ثقة بهيئة الإدارة الإنتخابية ومصداقيتها.
"لقد شهدنا معدل مرتفع لتشغيل موظفي الانتخابات المؤقتين وتركهم لعملهم بعد التعرض لمثل هذه الهجمات".
كما أبرز المشاركون أنه على الرغم من أن شدة الهجمات هي متقلبة طوال الدورة الانتخابية، إلا أنها تميل إلى الزيادة عندما تتخذ هيئات الإدارة الإنتخابية قرارات غير مواتية لجهة سياسية معينة. وفقاً لبحثنا، تعد الفترة التي تسبق الانتخابات حساسة بشكل خاص، جنباً إلى جنب مع يوم الانتخابات. وهذه هي الفترات الرئيسية عبر الدورة الانتخابية، عندما تقوم الجهات الفاعلة سيئة النية بتوسيع نطاق استراتيجيات التلاعب الخاصة بها، وعادة ما تبلغ المعلومات المضللة والمضايقة والعدوان ضد مسؤولي الانتخابات ذروتها.
خلفيـــة
في كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢١، بدأ فريق العمليات الانتخابية التابع للمؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات بحثاً عالمياً لرسم خرائط لبيئة المعلومات حول الانتخابات لتحديد نقاط الضعف والقصور في كيفية تعامل هيئات الإدارة الإنتخابية مع التحديات الناشئة في هذا المجال. وكشفت النتائج الأولية عن سلسلة من الاتجاهات المثيرة للقلق للأطراف ذات المصلحة في الانتخابات، فضلاً عن الاستراتيجيات المختلفة لاستهداف هيئات الإدارة الإنتخابية والعمليات الانتخابية والأفراد المرتبطين بالانتخابات. ومما يثير القلق بشكل خاص الحالات المتزايدة التواتر التي يُستهدف فيها موظفي الانتخابات في جميع أنحاء العالم بالمعلومات المضللة وغيرها من أشكال العدوان والمضايقة عبر الإنترنت.
وسلط العمل الإضافي الضوء على هذه الجوانب من خلال ثلاث مراحل بحثية:
١. إستطلاع للرأي يجمع الردود من مسؤولي الانتخابات الحاليين أو السابقين الذين يشغلون أدواراً بارزة حول ما إذا كانوا مستهدفين بالمعلومات المضللة و/أو العدوان عبر الإنترنت.
٢. مقابلات مع مسؤولين إنتخابيين حاليين أو سابقين في أدوار بارزة أكدوا استهدافهم بالمعلومات المضللة و/أو العدوان عبر الإنترنت.
٣. مناقشة مائدة مستديرة حول حماية مسؤولي الانتخابات في بيئة الإنترنت.
سيجري نشر نتائج البحث العالمي في الأسابيع المقبلة وسيتم استخدامها لتوجيه التدخلات لحماية مسؤولي الانتخابات في مجال المعلومات وتعزيز مرونة المؤسسات التي يديرونها ضد مثل هذه الممارسات الخبيثة.
[1] <https://www.washingtonpost.com/technology/2022/11/08/election-workers-online-threats/>.
[2] <https://www.cnbc.com/2022/10/27/were-going-to-hang-you-doj-cracks-down-on-threats-to-election-workers-ahead-of-high-stakes-midterms.html>.